What life could mean to you – Alfred Adler
كتاب معنى الحياة – ألفريد أدلر
وُلد أدلر في فيينا عاصمة النمسا عام 1879، وكان الابن الثاني من سبعة أبناء. أصيب في الخامسة من عمره بمرض رئوي خطير، وتوفي أخوه الأصغر بسبب الدفتيريا، فقرر أن يصبح طبيبا ليتمكن من "محاربة الموت". درس الطب في جامعة فيينا ونال الشهادة، وقابل لاحقا "سيغموند فرويد" واهتم بنرياته فانضم لجماعة المناقشة التي أسسها فرويد في عام 1902، إلا أن الخلافات بدأت بينه وبين فرويد ويونج، مما ادى لاستقالته عام 1911 ليكون جماعة علم النفس الفردين حيث يسلك طريقا مختلفة لوصف وعلاج مشاكل البشر النفسية.
وهذا موجز لما جاء في كتابه "معنى الحياة".
الفصل الأول: معنى الحياة.
يركز أدلر مهام الحياة الرئيسية في ثلاثة: الوظيفة أو العمل؛ العلاقات الاجتماعية؛ الزواج أو الحب. ويرى أن الحياة لا يكون لها معنى أو فائدة إلا إذا كانت ذات فائدة للمجتمع، فالمعنى الخاص للحياة ليس سوى انعدام للمعنى، لأنه لا يعني شيئا لباقي أفراد المجتمع؛ فالمعنى الحقيقي للحياة هو التعاون.
إن علم النفس الفردي يريد الوصول عن طريق العلم، كما الدين، إلى زيادة اهتمام الفرد برفاهية باقي أفراد المجتمع.
ليست التجارب ذاتها هي ما يحدد أسلوب حياتنا بل كيفية نظرتنا لها والمعنى الذي نعطيه لها.
إن السنوات الخمسة الأولى من حياة الإنسان قد تكون حاسمة في تكوين شخصية الإنسان. الإعاقة البدنية و التدليل الزائد والإهمال من حوادث الطفولة المسببة للخطأ في فهم معنى الحياة، فالأولى تجعل الشخص أنانيا ويشعر ،بالخوف من مواجهة المجتمع والحياة؛ أما التدليل الزائد يجعل الشخص يعتقد بمركزيته وقدرته على السيطرة على المجتمع وجلب اهتمامهم، لكنه يمتنع عن التعاون؛ فأما الإهمال يجعل الشخص منعزلا عن المجتمع فاقدا للثقة فيه، لا ينتظر منه مساعدة عند المشاكل.
الفصل الثاني: الجسم والعقل.
من له السيطرة على الآخر "العقل" أم "الجسم"؟
إن القدرة على توقع الأحداث وتوجيه الحركة هي وظيفة العقل الذي يحدد الهدف من الحركة، فهو إذن من يتحكم في الجسم؛ لكن العقل له سلطة على الجسد أيضا. ويعمل كل منهما في علاقة شراكة لتحقيق النمو المشترك. بذلك يمكن أن نضيف تعريفا آخر لعلم النفس: علم دراسة الأفراد ومواقفهم تجاه الانطباعات الحسية المنتقلة من خلال الأجساد.
هكذا يمكن فهم الاختلافات بين عقول البشر، فالمولود بإعاقة جسدية مثلا يكون كن اهتمامه مركزا على نفسه ولا يكون له وقت للتفكير في الآخرين، بهذا تكون قدرته على التعاون أقل. لكن يمكن التغلب على مثل هذه الإعاقات، لو كان العقل نشيطا كفاية، بما يدعى بالتعويض الزائد: إذا تمكنا من تطوير التقنية السليمة فإنه يمكن تحويل ما يبدو كأنه عيب إلى ميزة. إلا أن ذلك، حسب أدلر، لا ينجح إلا إذا كان للشخص هدف يركز على الاهتمام بالآخرين وتحقيق التعاون.
إن تكوين وتطور الجسد يتأثر بالعقل، كما يعكس النقائص التي يعاني منها، وأمثلة ذلك ما نلاحظه على الحالات الجسدية (كالتبول اللاإرادي). لكن العقل (أسلوب الحياة) ليس العامل الوحيد المتحكم في السلوك، بل إن للمشاعر دخلا كبيرا في هذا، التي هي بدورها نتيجة لأسلوب الحياة والهدف المبتغى من الحياة، فالعواطف متحكمة في ردود الفعل (التعبيرات الجسدية) وبالتالي في المواقف والسلوك. علاوة على ذلك، إن العقل يؤثر على نمو المخ وعمله، فالعقل الذي يختار الهدف الخاطئ الذي لا يشمل "التعاون"، يلازمه، غالبا حسب قول أدلر، مخ غير قادر على الفهم. إن العامل المشترك بين حالات ا لفشل هو ضعف القدرة على التعاون، وهو ما يسمح لنا بإعطاء تعريف جديد لعلم النفس: "محاولة فهم القصور في التعاون"، يحاول فهم التعريف الذي يعطيه الفرد لمعنى الحياة وردود فعله تجاه الانطباعات المستمدة من البيئة. فأسلوب الحياة هو المادة الأساسية المدروسة، والتي لا يمكن أن تتغير المشاعر وردود الفعل إلا بتغيرها.
الفصل الثالث: مشاعر النقص والتفوق.
عقدة النقص هي من أهم اكتشافات علم النفس الفردي، وهي تظهر في وجود مشكلة لا يكون الفرد مستعدا لها فتؤكد على عجزه؛ فالغضب والدموع والأعذار ما هي إلا تعبير عن عقدة النقص.
يوجد خلف جميع أنماط السلوك التي تحاول إظهار التفوق عقدة نقص تدعوه لإخفاء مشاعر النقص، لكن رد الفعل هذا لا يكون حلا للنقص بل هو عديم الفائدة. إن للشعور بالنقص أهمية كونه المحرك للتطور وبناء الحضارة، فالبشر هم أضعف الكائنات على الأرض، وما كانوا ليستمروا لولا التعاون. عقدة النقص تخفي وراءها الرغبة في التفوق، التي قد تصل إلى السعي للألوهية؛ أو السيطرة على الآخرين بإحداث سلوكات إما لجلب الانتباه أو التهرب من المسؤوليات على سبيل المثال، سلوكات كالكسل لجلب انتباه المعلم أو الصداع النصفي للتهرب من المسؤوليات، وحتى لو تم تغيير هذه السلوكات (الأعراض) فإن سلوكات جديدة تظهر لتحقيق الهدف ذاته (المشكل الحقيقي)، فإذا لم يتم تغيير الهدف فلن يحل المشكل.
الفصل الرابع: الذكريات الأولى.
إن ذكريات الفرد تكون ملائمة لهدفه في "التفوق"، فمن بين كل تجارب الماضي لا يتذكر إلا الأحداث التي تلائم أسلوب حياته. ومن هنا جاءت الأهمية لمعرفة الذكريات الأولى. ولا يهم إن كانت هذه الذكريات دقيقة أم لا أو إن كانت حقيقية، بقدر ما يهم الانطباع الذي تتركه لدى الفرد والمشاعر المصاحبة لها. وتمكننا هذه الذكريات من معرفة ما إذا كان الشخص يميل للتعاون أم لا، هل هو جريئ أم خجول؟ هل يريد أن يرعاه الآخرون أم يسعى لأن يستقل؟ هل الفرد مستعد لأن يعطي أم يأخذ بدون مقابل؟
الفصل الخامس: الأحلام.
لطالما اهتم إنسان الحضارات القديمة بتفسير الأحلام، وغالبا ما كان يُنظر إليها على أنها تحمل تنبؤات للمستقبل. إن الأحلام، حقيقة، ما هي إلا محاولة لحل المشاكل. وهناك نظريتان لتفسير الأحلام:
تحليل الأحلام الفرويدي: فحسب فرويد، إن الأحلام تنبع من اللاوعي، إن للأحلام إذن خلفية جنسية. فبهذا هي لا تمثل إلا جزءا من شخصية الفرد، فإشباع الرغبات في الأحلام لا يحصل في الواقع بل في الأحلام فقط، بهذا فليس للأحلام فائدة في عالم اليقظة. ولكن إشباع الرغبات ما هو إلا جانب واحد من الملايين جوانب السعي "للتفوق". كما أن التقسيم الثنائي المضاد للوعي واللاوعي غير علمي.
علم النفس الفردي يرى أن أسلوب الحياة هو المنتج والمخرج للأحلام الذي يقوم بإثارة المشاعر المناسبة التي يحتاجها الفرد ليحافظ على أسلوب حياته من التغيير، فالحلم تأكيد وتبرير لأسلوب حياة الفرد.
تستخدم الأحلام الترميز والتشبيه لتضللنا، لذلك هي غالبا غامضة، ولولا ذلك ما تمكنت من إثارة تلك المشاعر؛ ولو فهمنا أحلامنا فستفقد الغرض الذي وُجدت له.
الفصل السادس: تأثير العائلة.
يشكل الأبوان الأشخاص الرئيسيين في الحياة النفسية للفرد، وأي خطأ في العلاقات بينهم قد تسبب المتاعب؛ فإن عقدة أوديب، مثلا، تحدث - وذلك بخلاف ما يقول به فرويد أنها تنبع من رغبة جنسية للطفل تجاه أمه- عندما يكون الطفل مدللا تدليلا زائدا من قبل أمه ويتوقف ذلك الاهتمام فجأة عندما تهتم الأم بزوجها أو إخوته الصغار الجدد أو بقية أفراد المجتمع؛ فعلى الأم، التي تشكل جسرا بين الطفل والمجتمع، أن تؤسس علاقات الطفل ببقية الأفراد. كما على الأب إثبات صلاحيته لأن يكون شريك حياة للأم وللأبناء والمجتمع، والتعاون على أساس المساواة مع شريكة حياته. إن وجود سلطة لأحد الأبوين داخل الأسرة يخلق مشاكل لدى الأطفال، الشعور بالتفوق أو الدونية تجاه الجنس الآخر، الرغبة في السيطرة على الجنس الآخر أو الشعور بالتهديد والهروب من الجنس الآخر، أو النفور من الزواج والولادة. كما أن وجود التمييز بين الأبناء من طرف الأبوين يخلق مشاعر الغيرة والحقد أو التحيز لأحد الأبوين...
الطفل الأكبر يمر بمرحلة أن يكون الأمير المدلل للعائلة، قبل أن يفاجئه مولود جديد، فيحاول جلب الانتباه له من جديد إن قل الاهتمام به، وقد يسلك سلوكات سيئة لتلك الغاية. ولو تم تدريبه على التعاون قبل أن يولد الطفل الجديد، فإنه لن يعاني من أي ضرر، بل سيستمر في التعاون. الطفل الثاني يكون له قدوة (أخوه أو أخته الكبرى) يحاول اللحاق به وهذا قد يجعله متقدما دوما، مجدا. أما حال الطفل الأصغر فيختلف، فيكون مركز اهتمام الأسرة ويستمد الكثير من التدليل والتحفيز اللذين يجعلانه يتقدم بقوة ويحقق هدفه في التفوق. إلا أنه معرض للتدليل الزائد الذي سيسبب له مشاكل ويجعله عاجزا عن الاستقلال. أما الطفل الوحيد فتكون له متاعب خاصة، إذ ليس له إخوة ينافسهم فإن الصراع ينتقل ليصبح مع أحد الأبوين (خاصة الأب إذ تكون الأم أكثر قربا من الأطفال عادة).
الفصل السابع: تأثير المدرسة.
إن المدرسة هي المرحلة التالية من التربية وتأسيس شخصية الطفل، حيث ينتقل لبيئة أخرى مع أشخاص لم يعتد عليهم؛ لذلك في هذه الظروف الجديدة، ينبغي على المعلم العمل على تحقيق التعاون بين الأطفال والمساواة وعدم جرح ثقة الطفل بقدراته وكذلك عدم المبالغة في التقدير. إن لوم عامل الوراثة في الذكاء والنجاح الدراسي لهو خطأ، ومبرر للفشل ومشجع على الاستسلام والكسل.
يجب الاهتمام بدمج علم النفس مع التعليم لحل المشاكل التي يعاني منها الأطفال.
الفصل الثامن: البلوغ أو المراهقة.
ثورة المراهقة تعبير للمراهق عن محاولته دخول عالم الراشدين وإثبات أنه لم يعد طفلا.
الذين تعرضوا للتدليل الزائد هم الأكثر عرضة للفشل في هذه المرحلة. وعموما قد يسعى المراهق للتمسك بالطفولة، أو ارتكاب الجُنح، أو الاضطرابات العُصابية التي يستعملها كتبرير لعدم حل مشاكله، وهذا هو الاختلاف بين العُصابي والمجرم، فالعُصابي له نوايا حسنة أما المجرم فيظهر العداوة بشكل صريح لكنه يكبت شعوره الاجتماعي.
إن القيمة المعطاة للذكر في المجتمع وتفضيله على الأنثى، يخلق مشاكل لدى الأطفال ذكورا وإناثا، فالإناث يحتقرن المرأة ويظهر لديهن التصرف كالذكور أو الانحراف لنيل قبول المجتمع، وكذلك يكون لدى الذكور مشكل في محاولة بلوغ "الرجولة" التي يتم تقديرها بشكل بالغ.
الفصل التاسع: الجريمة وكيفية منعها.
إن المجرمين كباقي البشر لهم هدف "التفوق"، ومسلك بلوغ هدفهم هو الذي يختلف. ومن الخطأ الاعتقاد بأن السلوك الإجرامي له سبب وراثي أو بيئي، بل هو نابع من أخطاء التربية كالتدليل الزائد والإهمال، أو ظروف كالفقر والإعاقة الجسدية، مما يجعله غير مهتم بالمجتمع غير منسجم مع التعاون، وهدفه في "التفوق" لا يستفيد منه أحد غيره، فالمجرمون لا يهتمون بباقي أفراد المجتمع وفاشلون في التعاون. إن أي مجرم بحاجة للتخلص من الشعور الاجتماعي ليقوم بجريمته.
هناك نمطان من المجرمين: المنبوذون من المجتمع والمدللون. تدل تصرفاتهم على الجبن وأي محاولة قمعية لهم هي بمثابة تحدي لهم، لهذا يزيد إصرارهم على الجريمة. فالعقاب الجسدي غير مجدي لهم لأنه يؤكد لهم أن العالم ضدهم فيتمادون في العداء. ويبقى أي تغيير حقيقي قرينا بإيجاد جذور المشكلة ومعرفة الأسباب التي تجعلهم يفكرون بتلك الطريق، التي يكون أصلها في السنين الخمسة الأولى من حياة الفرد. ومن ثمّ تدريبهم على التعاون. إن موقفنا من الجريمة موقف خاطئ، ومن الخطأ الاعتقاد أن التشدد أو التساهل يستطيع تغيير المجرمين.
الفصل العاشر: مشكلة العمل.
إن العبقري الذي خلد اسمه هو الذي حقق إنجازا مفيدا للبشر من بعده، هو الذي درب نفسه على التعاون والمساهمة في حياة الآخرين.
من المهم طرح السؤال عن مهنة أحلام الأطفال لمعرفة هدفهم من الحياة، ومساعدتهم على ذلك.
الفصل الحادي عشر: الفرد والمجتمع.
إن الاتحاد والاهتمام بالآخرين هو الذي مكن الجنس البشري من النمو والتقدم، فالتعاون ضرورة بشرية.
الاهتمام بالذات والإهمال الجسيم ينتج عن نقص في الشعور الاجتماعي وفشل في التواصل، وهذا ما ينتج لنا عُصابيين وذُهانيين ومجرمين.
الفصل الثاني عشر: الحب والزواج.
إذا ما أردنا تحقيق التعاون التام بين زوجين، فعليهما الاهتمام ببعضهما أكثر مما يهتمان بنفسيهما، هكذا تتحقق المساواة والولاء، وإلا فإنه لن يكون زواجا سعيدا، ولن ينمو ويتطور الأبناء بشكل سليم. إن التعاون شرط لنجاح الزواج، فالذين يسعون للتفوق الشخصي يجدون المشاكل (انتظار الكثير من التدليل مثلا)... إن البشر الأكثر تلقائية واهتماما برفاهية إخوانهم البشر هم الذين ينجبون أطفالا، في حين أن الذين لا يهتمون ببقية البشر يرفضون تحمل عبء إنجاب أطفال.
إن الفرد لا يصبح حرا في اختيار ما يعنيه الجمال، ولكن اختياره هذا متأثر بمن كان حوله خلال طفولته والحس الفني الذي تعلمه وقتها.
Comments
Post a Comment